سلطان الزايدي | فترة الصيانة

سلطان الزايديفي أوروبا تُعتبر فترة التسجيل الثانية هي “فترة صيانة” لكلّ الأندية التي تعاني من بعض المشاكل في صفوفها فنياً، وتحتاج إلى تغييرٍ بسيطٍ حتى تكون جاهزةً ولو بنسبةٍ مقبولةٍ، حسب الإمكانيات والخيارات المتاحة، ففي هذه الفترة تحديداً تكون الخيارات في نطاقٍ ضيقٍ جداً، وربما معدومةً في بعض المراكز التي يحتاجها أيّ فريقٍ.

ففي الأندية السعودية وربما في أكثر الدول العربية يختلف تفكيرنا عن الأوربيين؛ لأن هذه الفترة على الأغلب تشهد تغييراً جذرياً في الفريق، بمعنى أن بعض الأندية تعمل على تغيير الطاقم الأجنبي كاملاً، مما يترك أثراً سلبياً على الفريق بسبب عدم الانسجام بين الأجانب الجدد، أو حتى المحليين الجدد مع الفريق الأساسي المتواجد من أول الموسم؛ لهذا تجد بعض الأندية تدخل في دوامةٍ تذبذب المستوى في أول مبارياته بعد أن ينظم اللاعبين الجدد للمجموعة السابقة.

فالأندية السعودية وخصوصاً الجماهيرية منها تعيش تحت ضغطٍ كبيرٍ بسبب الجمهور والإعلام، وهذا ما يجعل مسيّرو تلك الأندية يفقدون تركيزهم، وتصبح قراراتهم ارتجاليةً في مجملها، لها تأثيرٌ فنيٌّ سلبيٌّ على الفريق في كثيرٍ من الأحيان، فهم بواقع سلطتهم كمسؤولين عن تلك الأندية يكون تأثيرهم على مدربيهم الذين في كثيرٍ من الأحيان لا يحبّذوا الاختلاف معهم، لاعتباراتٍ كثيرةٍ تخصّهم، وبذلك هم مضطرون لقبول كل أفكارهم وتوجهاتهم الفنية، وعلى هؤلاء المدربين أن يعدلوا في منهجيتهم الفنية التي كانوا ينهجونها من بداية الموسم حتى تتوافق مع مقترحات رئيس النادي.

والحقيقة أن الفترة الشتوية لتسجيل اللاعبين في ملاعبنا لا تدار بالطريقة السليمة، وفي كثيرٍ من الأحيان تكون وبالاً على الفريق على مستوى الأداء الفني للمجموعة، وهذا يعود لعدم القدرة على تحديد الاحتياج وعدم القدرة على الاختيار بالشكل السليم، وهذا ما نشاهده في أنديتنا؛ فالمهم إحضار لاعبٍ محترفٍ حتى ينجو الرئيس من سياط النقد، وبتالي مهما كان مردود هذا اللاعب لا يهمّ، المهم أن التغيير قد تمَّ…!

لم يسبق وأن سمعت مدرباً -وخصوصاً الأجانب منهم- أن قال: هذا المحترف الأجنبي في هذا التوقيت وبهذا المستوى لا يخدمني؛ لديّ لاعبٌ في الفريق الأولمبي ربما يخدمني أكثر منه، فالمدرب الأجنبي يهمه اللاعب الجاهز ولن يغامر بلاعبٍ من الفئات السنية على حساب اسمه وسمعته؛ لهذا نحن في ملاعبنا نخسر نجوماً كثيرين، تنتهي مسيرتهم الرياضية دون أن يأخذوا فرصتهم بالشكل الكامل، بسبب قرار رئيس نادٍ لم يهتم لهذا الأمر، ولم يعي مدى خطورته على مستقبل الفريق.

إن كلَّ ما سبق سينكشف في النصف الثاني من مسابقات الموسم، وسنلاحظ بعض الهبوط في مستوى بعض أندية الدوري، وربما يكون هناك تغيرٌ جذريٌّ في سلم الترتيب بسبب الأخطاء الفنية التي أحد أهم أسبابها بالتأكيد الانتقالات الشتوية.

ما أريد إيصاله من خلال هذا المقال: أن الاستعداد الحقيقي والجيد يبدأ من بداية الموسم من فترة التسجيل الأولى، وهي التي يُبنى عليها إستراتيجيات الفريق حتى نهاية الموسم، والفترة الثانية تكون للأندية المضطرة للتغيير بسبب الإصابة، أو لعدم إمكانية الاستفادة من أحد العناصر الأجنبية أو المحلية، بهذا يكون التخطيط السليم المبني على معطياتٍ فنيةٍ رُسمت من بداية الموسم وفق ما هو متوفرٌ من إمكانيات.

وكل ما أتمناه أن لا تكون حصيلة الفترة الشتوية زيادةً في الالتزامات المالية والديون دون أن يصاحبها نتائج إيجابيةٌ على مستوى الأندية، التي تنافس على البطولات، أو التي تصارع من أجل البقاء في دوري المحترفين.

وفي الختام: رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وجزاه عنّا كلَّ خيرٍ.

“إنا لله وإنا إليه راجعون”

سلطان الزايدي

9