محمد الشيخ | في الهلال.. من يحاسب من؟!

يكشف الظرف الراهن الذي يعيشه نادي الهلال عن غياب أي أطر قانونية أو احترافية أو حتى شرفية تحيط بالنادي، وإلا لما كان كل هذا التصادم الإعلامي والجماهيري، بين من يدفعون نحو رحيل الإدارة عاجلاً غير آجل باعتبارها – بحسب وجهة نظرهم – السبب الرئيس لتردي الأوضاع بمجملها في النادي، وبين من ينافحون عنها وكأن شيئاً لم يكن؛ خصوصاً وقد خلف ذلك ردة فعل شرفية من أعلى الهرم بإعلان الأمير بندر بن محمد تخليه عن منصبيه في رئاسة الشرف والإشراف على الفئات السنية بعد المواجهة العنيفة التي جمعته بالجماهير الغاضبة.

ذلك الصراع الناشب ضجت له القنوات الفضائية عبر برامجها، وأفردت له الصحافة مساحاتها، واحتضنته مواقع التواصل الاجتماعي كحدث هو الأهم بالنسبة لها سواء من المحبين للهلال أو المناوئين له إلى حد أنه طغى على حالة الارتباك التي عاشها منتخبنا قبل توجهه إلى استراليا للمشاركة في كأس آسيا، ومنها المفاجأة التي داهمت الوسط الرياضي باعتذار الروماني كوزمين عن تدريب المنتخب قبل أن يتراجع عن قراره؛ ما يكشف عن ارتدادات ذلك الصراع كزلال هز قلعة الهلال وتمدد إلى كل الأطراف المحيطة به.

وسط ذلك لم نجد أي عضو من أعضاء الجمعية العمومية التي نصبت هذه الإدارة يخرج داعياً لعقد جمعية عمومية غير عادية لمناقشة أخطر ما يمكن أن يتهدد أي نادٍ، وهما الجانبان الفني والمالي اللذان يتهددان استقرار أي مجلس إدارة، وهي أبسط آليات الممارسة القانونية المفترضة، وهو ما يؤكد على غياب دور هذه الجمعية على أرض الواقع في واحد من أهم الأندية السعودية التي يفترض أنها أولى تباشير نجاح مشروع الخصخصة الموعود، وإن ما يحدث عند تنصيب الإدارات ما هو إلا حبر على ورق.

ما زاد الأمر سوءاً أن المجلس الشرفي نفسه وهو الذي صادق على الأمير عبدالرحمن بن مساعد رئيساً أول مرة في مايو 2008 في الاجتماع الذي تنازل فيه الأمير بندر بن محمد عن منازلته على الكرسي الأزرق الكبير، وهو نفسه الذي زكّاه في الجمعية العمومية التي عقدت في النادي بعد نحو شهر من ذلك الاجتماع وحضره عدد من أعضاء الشرف، وهو الذي قبل بولاية ثانية له دون أن يكون لأحد منهم رغبة في منازعته على الرئاسة وقف موقف المتفرج من كل ذلك وهو يرى تلك الهزة الفنية، ويشهد حقيقة الواقع المالي، ويقف على الانقسام الإعلامي والجماهيري الذي أحدث شرخاً واضحاً في جدار النادي.

أبسط أبجديات المسؤولية كانت تحتم الدعوة إلى عقد اجتماع شرفي طارئ للعمل على معالجة حالة التورم التي أودت ب”الزعيم” إلى هذه الحال، ليخرج الاجتماع المفترض إما بمسكنات وقتية تخفف من الآلام؛ انتظاراً لاتخاذ قرار العملية الجراحية لاستئصاله؛ خصوصاً والظرف صعب كون الأوضاع الداهمة جاءت في منتصف الموسم، بيد أن شيئاً من ذلك لم يحدث ليكشف واقع الحال عن أن الشرخ أعمق بكثير مما نراه أو نتصوره.

هذا الواقع يكشف عن أن النادي بات اليوم معزولاً عن محيطه؛ لاسيما هيئة الشرف، وإعلامه، وجماهيره، وهو واقع لم يعشه طوال تاريخه حيث كانت كل الإدارات السابقة تستمد قوتها من تلاحم خطوط الإمداد، وقوة جبهات المواجهة، وهو ما يجعل الواقع مرشحاً لمزيد من الصعوبات مع أول منعطف جديد؛ خصوصاً إذا ارتقى لمستوى خسارة بطولة الدوري التي ستكون بذلك قد غابت عن معقل (الزعيم) للعام الرابع على التوالي!.

12