الشيخ يكتب عن بطولة وعي وبطولة جيل

أجمل ما في البيان المشترك الذي صدّره ناديا الهلال والنصر باسم الأميرين عبدالرحمن بن مساعد وفيصل بن تركي ليس في المضمون، برغم ما حمله من أبعاد رائعة، فالأمر لم يكن مستغرباً منهما ولا أراه مفاجئاً كذلك؛ لكن جماله جاء في التوقيت، ليس لأنه يأتي على بعد ساعات من مواجهة قطر في نهائي خليجي 22 وحاجة (الأخضر) للدعم والمساندة، وإنما لكونه جاء ليقطع الطريق على المنغمسين في وحل التعصب، الذين حاولوا ضرب أسفين بين لاعبي منتخبنا بمحاولة فرزهم بحسب أنديتهم، بعد إحراز الثلاثي ناصر الشمراني ونواف العابد، وسالم الدوسري أهداف مباراة المنتخب أمام الإماراتي، التي نقلته للنهائي.

المحقونون بإبر التطرف في ميولهم للأندية ومنهم من يرتدون – للأسف – ثياب الإعلاميين سعوا – إن تصريحاً أو تلميحاً – إلى الإشادة بالثلاثي ليس لأنهم يمثلون المنتخب الوطني، وإنما باعتبارهم لاعبين هلاليين عبر أسلوب قبيح حد التقزز، والمؤسف أنهم وجدوا من يتماهى معهم من الجماهير، إذ فرح بعض ممن يشاطرونهم الميول والتعصب بهذا الاكتشاف العظيم، فيما رد آخرون ممن يناوئونهم في التشجيع بالمثل حيث راحوا يقدمون لهم فواتير قديمة تثبت أن في زمن مضى كان لاعبو النصر يصنعون الانجازات الخضراء.

هذا التعاطي الخطير جاء والمنتخب على بعد يومين من مواجهة النهائي بكل ما تحمله من أهمية.

ليس على مستوى تحقيق البطولة التي لا تعد في ذاتها منجزاً كبيراً بقدر ما تعتبر فتحاً جديداً، وذلك بعد أن أغلقت أبواب الانجازات في وجه جيل عاني من الإحباط؛ إن على مستوى اللاعبين أو حتى الجماهير، وهو ما يجعلها ذات قيمة مضافة، لكونها ستكون قطار العودة لسكة الطريق الصحيحة التي تهنا عنها منذ سنوات.

البيان النصراوي – الهلالي المشترك بما حمل من مضامين وعي وتحسس لخطورة الموقف جاء ليكون بمثابة حجر كبير يسد الطريق نحو محاولات إدخال الجماهير لنفق التعصب والزج بها في ظلام التطرف وهي التي عانت رياضتنا ولا تزال بسبب أناس لا يدركون لشرف المنافسة معنى، ولا يقيمون لمعاني الوطنية في مثل هذا الجانب وزناً.

هنا ينبغي أن نحيي مساعي رئيسي الناديين ومجلس إدارتيهما حيث خطا كل منهما خطوات حثيثة في هذا المضمار ليتلاقيا في منتصف طريق الوعي بخطورة الموقف فتلاقيا تحت مظلة منتخب الوطن، وهي الخطوات التي ينبغي التأسيس عليها في سبيل ردم مستنقعات التعصب الذي تكاثرت عبر سنوات ووصلت لمرحلة باتت تهدد واقعنا الرياضي بأوبئة قد لا نجد العلاج لها إن لم نسارع لإيجاد العلاج لها.

في ذات السياق لا ينبغي أن ننسى جهود الأمير عبدالله بن مساعد الذي قدم خلال أيام الدورة رسائل موجهة في ذات الاتجاه أبرزها صدور قرارات لبعض إداريي الأندية المتجاوزين، إلى جانب قيامه بالجمع بين الأميرين فيصل بن تركي والأمير محمد بن فيصل رئيس الهلال السابق الذي كان ممثلاً للهلال بسبب سفر الأمير عبدالرحمن في مباراة الإمارات، فضلاً عن مرافقته لنجمنا الكبير ماجد عبدالله للمباراة في لفتة رمزية تلقفها الجميع، ليسهموا في تذويب جبل التعصب قبل نهائي اليوم الذي نأمل أن تغص فيه المدرجات بجماهيرنا الخضراء لنجمع فيهما بين بطولة الوعي وبطولة نجومنا.

مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض

15