الجزائر مسحه طبيه على جراح حضرموت

لم أعلم والعلم لله خالق السموات والأرض وما فيها أن صباح يوم مباراة محاربي الصحراء أمام الدب الروسي ستكون قبلها مباراة تشهدها شوارع وأماكن مختلفة في المدينة الجميلة والساكنة أبنيتها وشواهدها ومرافقها بين هضبتي حضرموت الشمالية والجنوبية وتتوسط واديها الشهير كعاصمة إدارية له يقصدها كل ساكني المدن والقرى والأرياف والصحارى لقضاء أمورهم ومهامهم بصورة يومية.
سيئون المدينة الحالمة التي تحيط بها البساتين وأشجار النخيل الباسقات.. سيئون أو الطويلة كما يحلو للكثير تسميتها ولعل الكل يتذكر معي هنا كلمات شاعرنا الكبير حسين المحضار حين قال (ليلة في الطويلة خير من ألف ليلة) التي صدح بها كروان الجزيرة ايوبكر سالم بلفقيه وغيره الكثير والكثير من تغنى في سحر هذه المدينة التي تترك دائما أثرا غير عادي في كل من يزورها/ وبالتالي ما ان يودعها حتى تفيض قريحته بكلمات وغزل بديع فيها.. لكن حال سيئون اليوم ليس كالأمس ومن يعيش فيها أو يأتي اليها زائرا اليوم لابد أن يتذكر لياليها الملاح وهواءها النقي وبشاشة أهلها التي سلبت اليوم منهم  عنوة في وضح النهار حتى أصبح المواطن في حضرموت عامة يعيش حالة من الشتات الذهني والقلق النفسي الملازم له طيلة يومه.. خاصة وان المواطن الحضرمي بطبيعته عاشق للأمن والأمان والسلام  وهذا ما جعله يقدم نموذجا جميلا حيث ما حل وذهب.
حقيقة لم يدر بخلدي وأنا أقود سيارتي المتواضعة في اتجاه الشارع الغربي لمطار سيئون الدولي حيث تفاجأت بالناس تغلق محلاتها وأعمدة الدخان تتصاعد من اتجاه أسوار المطار حيث عرفت فيما بعد أن برج المراقبة تم إحراقه وكان المطار حينها يعج بالمودعين والمسافرين بينما إحدى الطائرات كانت على وشك الإقلاع في رحلة اعتيادية لها الى مطار الملك عبدالعزيز بمدينة جدة السعودية حيث أخبرني أحد معارفي أنه كان مع عائلته على وشك دخول الطائرو التي أخليت من كافة ركابها بعد أن تمت السيطرة على المطار عقب تلك الاشتباكات العنيفة التي أصابت الجميع وخاصة النساء والأطفال  بالذهول والرعب.
حقيقة لقد عدت الى البيت في تلك اللحظات وعاد معي الجميع الى أسرهم وكل واحد في قلبه غصة وحرقة على ما شاهده وسمع عنه من أحداث مؤسفة لا ندري ما ذنب أبناء هذه المدينة وناسها الطيبين في كل ذلك.. وفي المساء وبرغم كل الآلام والجروح تسمرنا أمام شاشة التلفاز بروح الانتماء العربي وليس عشقا وحبا في كرة القدم.. أقولها بصراحة ولا يلومني عليها أحد وأنا أعيش وغيري هكذا ظرف فكانت سجدة إسلام سليماني شكرا لله بهدفه الجميل في شباك الروس وبلوغ بلد المليون شهيد الجزائر الى الأدوار التالية من مونديال العالم الكروي مثل المسحة الطبية على جراح حضرموت في تلك الليلة القاتمة التي عاشها الحضارم الذين يمنون النفس الليله بمسحه اخري تداوي ما تبقي من جراح فهل يفعلها الجزائريون في موقعتهم مع الالمان كما فعلوها في بلاد الاندلس قبل اكثر من ثلاثه عقود من الزمن نتمنى ذلك.

13