الحربي يكتب عن المدرب الذي يصعب تغييره!

أسهل قرار في ديارنا هو تغيير مدرب كرة القدم حتى لو لم يرتكب أخطاء تستحق الذكر، أما القرار الصعب فهو تغيير المسؤول وبما أننا نعيش هذه الأيام أجواء كأس العالم فقد نستلهم درسا ما من إعلان الاتحاد الإسباني لكرة القدم تمسكه بمدربه رغم «المرمطة» التي واجهها حامل اللقب في المونديال والتي قلبت أحوال المنتخب الإسباني من منافس على المركز الأول إلى منافس على المركز الأخير.

ولكن ماذا لو ارتكب رئيس بلدية مدريد أو برشلونة أو غرناطة أخطاء أقل من أخطاء مدرب المنتخب القومي؟ هل تعتقدون أنه سوف يبقى في منصبه أم أنه سوف يستبق قرار الإقالة باستقالة تحفظ ماء وجهه؟ بالتأكيد نحن لا نحب كرة القدم أكثر من الإسبان وأنديتنا بالطبع ليست أفضل من ريال مدريد وبرشلونة، ولكن الإسبان يدركون أن كرة القدم تقوم أساسا على احتمالات الفوز والخسارة فمن يخسر اليوم يمكنه بسهولة الفوز في قادم الأيام ولكن أخطاء رئيس البلدية تنعكس بشكل مباشر على حياتهم اليومية وأخطاءه تحتاج أموالا مضاعفة وجهودا متواصلة لتصحيحها.

أما عندنا فقد تابعنا قبل المونديال تقرير هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) عن المخالفات التي ارتكبتها أمانة العاصمة المقدسة في توزيع منح الأراضي على المواطنين في مكة المكرمة، حيث اختارت الأمانة -بحسب التقرير- أقرب الأقربين لموظفي الأمانة وتجاهلت طلبات المواطنين الذين انتظروا هذه المنح لسنوات طويلة، وحين أجرت «عكاظ» حوارا مع الأمين رفض التعليق على هذا الموضوع بالذات وفضل انتظار نتائج لجان التحقيق، ورغم إدراكنا بأنه لا مصلحة لهيئة مكافحة الفساد في الافتراء على الأمين والأمانة إلا أننا وجدنا أنه من حق الأمانة الصمت حتى تظهر نتائج التحقيق الذي نتمنى أن لا يطول به الأمد.

ولكن بعد بداية (مونديال المفاجآت) والهزائم المريرة التي تعرض لها الإسبان أبطال العالم والإنجليز الذين اخترعوا كرة القدم أدركنا جيدا أن هذا المونديال (ما فيه لحية محشومة) وأن كل توقعات مدربي كرة القدم ليست لها أي قيمة داخل المستطيل الأخضر، وفي غمرة انغماسنا في متابعة المباريات نشرت الحياة أمس خبرا حول رصد ديوان المراقبة العامة وكذلك ممثل وزارة المالية مخالفات صريحة لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية ولائحته التنفيذية ببعض الوحدات الإدارية المرتبطة بأمانة العاصمة المقدسة مثل عدم تحري الدقة في أسعار المشتريات ووجود بعض التعديلات والشطب في كراسات المنافسة وكذلك اقتصار التعامل مع شركات أو مؤسسات (بعينها) عن طريق التأمين المباشر وكذلك تجزئة بعض المشتريات للوصول إلى الشراء المباشر!، فما الذي يمكن أن تقوله الأمانة عن هذا الهدف الجديد الذي ولج المرمى في الوقت الضائع أم أنها ستطالب بإلغائه بحجة التسلل.

مقالة للكاتب خلف الحربي عن جريدة عكاظ

15