بتال يكتب: مشكلات منتظرة

يقولون إن أفضل القادة في العمل هم مَن يتوقعون المشكلات المستقبلية الكبيرة قبل حدوثها، ويضعون لها حلولا استباقية وفق خطط زمنية تخفف من وقع الصدمة أو تمحوها.

في الموسم المقبل، تواجه الأندية الكبيرة المرشحة للقب الدوري، وهي المسابقة الأهم التي تتركز عليها الأنظار، عدداً من المشكلات. حامل اللقب، النصر، في وضع نفسي ممتاز والتفاتة شرفية وجماهيرية غير مسبوقة، واحتفالات متواصلة بالبطولتين الثمينتين والصفقات التي تلتهما مع نهاية الموسم، ولكن ما أسوأ شيء يعترض طريق النصر في موسم الدفاع عن الألقاب؟ مشكلة واضحة أمام بطل الثنائية، الأولى، تضخم الديون بسبب زيادة المصروفات في وقت قياسي قبيل بداية الموسم، فما بالك إذا بدأ. التضخم مرشحٌ للزيادة أيضاً مع صفقات اللاعبين الأجانب الثلاثة المقبلة، ناهيك عن متأخرات المحليين وبعض المغادرين.

مهما بلغت قدرات فيصل بن تركي المالية، فإنه لن يستطيع مجابهة هذا المأزق إذا ما تفجّر في وقت صعب من المنافسات. كيف يمكن حل الأمور قبل استفحالها؟ أعتقد أن النصراويين بحاجة إلى خطة عمل زمنية واضحة تجدول الديون لا ترهق الرئيس، ولا تؤثر في مسيرة الفريق، ويتشارك فيها الشرفيون كلهم كل بما يستطيع. هذه الخطة يُفترض أن تبدأ من الآن قبل وقوع الفأس في الرأس.

وصيف الثنائيتين، الهلال، أمامه موسم ساخن جداً وفي طريقه متربصون من داخله وخارجه كشفت عنهم أحداث إقالة المدرب المحلي الجابر، والاستعانة بالأوروبي لورينتو، وسيكون المدرج كفوهة بركان خامد يعاود نشاطه عند أول خسارة، خاصة إذا كانت في المشوار الآسيوي المرتقب، وسيخرج كثيرون يقولون للرئيس بكل سخرية وشماتة: “قلنا لك الفريق يحتاج إلى الاستقرار ليش تغير المدرب؟”، ماذا يمكن أن يفعل الرئيس قبل هذه المعركة؟ في ظني أن أفضل الحلول هو تغيير الخطاب الإعلامي السائد في الأزرق، الذي يجيّش كل مفرداته خلف اللقب القاري ويصوّره للمشجع العادي مسألة وقت، والأفضل أن يتم استبداله بخطط متوسطة المدى تتوافق وعقد العامين الموقع مع المدرب الجديد، تُعلن فيه أهدافٌ واضحة لا يتراجع قائلها مهما صرخ المتربصون والمنتفعون.

في الأهلي، تبدو أكبر مشكلة قد تواجه النادي الجداوي الأخضر هي البداية الخطأ في الموسم، فأفضل مواسم الأهلي في الثلاثين عاماً الماضية كان موسم 2012، لماذا؟ لأنه نجح في القبض على بداية سهّلت انطلاقته نحو اللقب الذي خسره في آخر مباراة. كيف يمكن أن يبدأ الأخضر جيداً؟ أعتقد أن لاعبي الفريق بحاجة ماسّة إلى جلسات تحفيزية نفسية في هذا الاتجاه، تمتص الخوف من نفوس اللاعبين وتستبدله بالطموح والطاقات الإيجابية.

ما قيل عن النصر في البداية، يُقال عن الاتحاد. النادي يواجه مشكلات مالية متصاعدة. يختلف أصفر جدة عن أصفر الرياض في أنه لم يعد بإمكانه احتواء المشكلة وعزل تأثيراتها عن الفريق، ولا مفر أمامه من التعايش معها فقط، إذ إن أي جدولة محتملة ستستغرق وقتاً طويلاً، ولذلك من الأفضل أن ترافق جدولة الديون جدولة أخرى للطموحات تقدَّم في خطاب مسؤولي النادي الإعلامي إلى المشجع العاشق. من الخطأ أن يرفع الاتحاديون سقف طموحاتهم في لغتهم الموجهة لمشجعيهم، فالأماني لا تُؤكل عيشاً، وعليهم أن يصدقوا مع مدرجهم والاعتراف بأن إدارة البلوي ورثت تركة ثقيلة لا يمكن تفكيكها بسرعة حتى لو عاد البلوي الكبير بشحمه ولحمه.

الشباب.. بطل الكأس الكبرى، سيفتقد في موسمه المقبل أهم عوامل تفوقه وهو “التحدّي” الذي كان يغذيه به رئيسه الكاريزمي المغادر خالد البلطان، ومهما حاول الرئيس الجديد تقليد مشيته، فإنه لن ينجح على مدى العامين الأولين. لذلك عليه ألا يضيع وقته، وأن يتحوّل إلى رسم استراتيجيات جديدة أهمها الجنوح إلى التخصُّص في العمل، ومنح طواقمه المساعدة صلاحيات واسعة حتى تتضافر الجهود مكتملة.

مقالة للكاتب بتال القوس عن جريدة الاقتصادية

12