النويصر: الشقيري مدرباً للمنتخب السعودي!

لبطولتي كأس الخليج وآسيا في تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الثاني (يناير) المقبلين، ولكن أثناء مشاهدتي مع مجموعة من الأصدقاء للقاء الشباب والنصر وحسم معركة لقب الدوري دار النقاش حول الفوارق الذهنية والبدنية بين اللاعب السعودي ونظرائه في أوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، وأضف لها كوريا واليابان وأستراليا، واتفقنا على أن اللاعب المحلي يملك المهارة الفنية ولديه الفكر أثناء تسلم الكرة، لكن كرتنا تتسم باللعب خلف الكرة تماماً كما كان يفعل نواف العابد أو فهد المولد في حصص الرياضة المدرسية.

اللاعب يتناسى أدواره المزدوجة مع سير مجرى المباراة، فتجده يتحرك نحو الكرة دائماً ولا يتموضع بشكل مناسب، ولنضرب أمثلة بسيطة في الدول المتقدمة كروياً يُعلمون المدافعين أن خط التماس وحدود الملعب هي لاعب ثانٍ لمصلحة المدافع وضد المهاجم، ولكن من مِن المدافعين أدرك ذلك؟
أهداف مفصلية وبالجملة ولجت مرمى منتخبنا بسبب تراجع المدافع ومنح الفرصة للمنافس للتقدم وازدياد الحلول لديه، مثل هدف إسماعيل مطر في «خليجي 18»، وتراجع أسامة هوساوي أفضل مدافع لدينا آنذاك وغيره الكثير.

في الكرة العالمية السيطرة على الكرة دُمجت مع تحريكها بالاتجاه الذي يرغب فيه اللاعب لزيادة الفاعلية وتسريع الهجمة ووضع اللاعب المنافس خلفه، ونحن لدينا لا يستطيع السيطرة عليها أمامه ناهيك عن توجيهها، وماذا عن عنصر المفاجأة الغائب؟

الجانب الجسماني ضعيف جداً وقليل من اللاعبين من يملكون هذه الخاصية والميزة وعلى رغم ذلك لا يمكنهم ذلك من الاحتفاظ بالكرة وخفض وتسريع «رتم اللعب» وقوة التحمل!
في كأس آسيا الأخيرة في قطر والتي خرجنا منها من الدور الأول بالمرتبة الأخيرة أمام سورية والأردن واليابان، ركض أكثر اللاعبين السعوديين ٦.٥ كيلومتر طوال مباراة اليابان، وهما عبدالله شهيل ومحمد الشلهوب بينما ركض أقل لاعب ياباني ٧ كيلومتر!
معدل الجري للاعبي اليابان وكوريا الجنوبية كان ثلاثة أضعاف ما جرى لاعبي المنتخب السعودي، ومن الممكن أن يتسائل أحد القراء ما هي أهمية الجري المتواصل، وماذا يعني معدل ركض اللاعبين داخل الملعب؟
وسأجيبه بأن الركض يتيح للاعب خيارات عدة للتمرير ويمكن الفريق من تضييق المساحات بين بعضهم والميلان بحسب وجود الكرة، وأيضاً يسهم في الانتقال الهجومي من الثلث الأول إلى الثلث الأخير والعكس، ويمكن زملاءه من تغطية أخطائهم معاً، فمثلاً ناصر الشمراني الوحيد من يمرر ويركض، لذا ها هو يحقق لقب هداف الدوري للمرة الخامسة ويقترب من رقم ماجد عبدالله.

العالم البريطاني من جامعة ليفربول البرفسور توماس رايلي وزميله فوجان توماس يوضحان في بحثهما الذي استغرق ستة أعوام أن «أقل معدل من المفترض أن يركضه اللاعب هو ١٠ كيلومترات في المباراة وتتفاوت مع تباين مراكز اللاعبين»، ويعود رايلي ليشرح بأن روني هو اللاعب الأقرب للكمال، لأنه يركض بمعدل ١١.٨ كيلومتر.

صاحبي عاد، وقال: «ألا يشاهد لاعبونا الدوريات الإنكليزية والإسبانية والإيطالية، ألم يشاهدوا بايرن ميونخ وقد مرر لاعبوه أكثر من ألف تمريرة صحيحة في مباراة واحدة!»، فرد الآخر بتهكم، قائلاً: «بلا، ولكنهم أخذوا منهم قصات الشعر وتزيين السيارات وارتداء الأزياء الغريبة!».

المشكلات تكمن في تكوين اللاعبين، فليس المطلوب من خوزيه كارينيو أو سامي الجابر أو بيريرا تعليم اللاعب كيف يتسلم الكرة أو كيف يسدد أو التغطية العكسية، ولكن المطلوب هو بناء تكتيكي يتواكب مع قدرات المجموعة.

إذاً الأكاديميات هي الأساس، ولن يُطور اللاعب أن ينتقل للاحتراف في عمر الـ١٩ كما فعل الحافظ والشهري وصقر عطيف، بل السعي لبناء أكاديميات لريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس داخل البلاد وبإشراف مباشر منهم، كذلك ثقافة اللاعب ومستواه التعليمي تسهم في طريقة إدارته للمباراة ورفع الوعي الكروي لديه داخل الملعب، بل وحتى الرياضيات بزوايها الحادة والمنفرجة يجب أن يتعلمها اللاعب لتفيده في تنفيذ الركلات الثابتة وكيفية التمركز بعد اصطدام الكرة باللاعب أو تحول اتجاهها، وتوقع مكان الكرة والتموضع، إضافة إلى وعيه بأهمية الغذاء المناسب والنوم الباكر والاستفادة من الإجازات، وليس الترويح السلبي! كرة القدم هي مزيج من العلم والخبرة التراكمية والإبداع متمثلاً بالقيمة المضافة من اللاعب.

الآن وقد اختلفت إدارة المنتخب وأحمد عيد على المدرب الإسباني لوبيز، فإنني أرشح أحمد الشقيري لتدريب «الأخضر» عله ينقل ما شاهده في الدول المتقدمة للاعبينا، ونحن متنازلون عن لقب الخليج في سبيل آسيا والمستقبل.

مقالة للكاتب نايف النويصر عن جريدة الحياة

10