الهلالُ قصيدةٌ سقطتْ من ديوانِ شاعرٍ

سلطان الزايديإنَّني على معرفة ويقين أنَّ الجمهور الهلالي في هذا الموسم أوهمَ نفسه بقضية استمرار المدرّب من عدمه؛ حتى ينسى أو يتناسى أنَّ الهلال خرج هذا الموسم خالي اليدين، ولم يحقق كالمعتاد أيَّ بطولةٍ، ومنهم من اعتبر هذا الأمر بمثابة بطولةٍ، فالانقسام الحاصل حول هذا الأمر يؤكِّد أنَّ ما يحصل من أحداثٍ في هذا الموضوع قد تحوَّل إلى اختلافٍ بين الجماهير وأعضاء الشرف، ومنهم مَن يصف استمرار المدرِّب لموسمٍ آخر، بطولةٍ بحدِّ ذاتها، والقسم الآخر يجد الحلَّ في إقالة المدرب، وقد يصف إقالته بالحدث الأهمِّ في ختام الموسم.

موسم الهلال كان سيئاً بكلِّ المقاييس، وهذه هي الحقيقة، وقد أتفهَّم أنَّ ما يحدث الآن هو عبارةٌ عن ذرِّ الرماد في العين، حتى ينجوا مسيِّرو النادي من تحمُّل المسؤولية، فغضب الجمهور الهلالي الذي لا يرحم بجانب إعلامه أيضاً، لن يقف متفرّجاً وصامتاً لفترةٍ طويلةٍ، وقد يقلب الطاولة في أيِّ لحظةٍ مدافعاً عن الكيان ومكتسباته قبل أن يضيِّع كلَّ شيء، وقد يكون السؤال الأهمُّ، والذي من الممكن أن يكون بداية شرارة النقد اللاذع تجاه إدارة النادي: أين هلال البطولات؟

أحداث الهلال لم تنتهِ عند نتائج الموسم السيئة، بل اكتملت صورة الفشل بتحويل قرارٍ إداريٍّ ضمن صلاحيات إدارة النادي إلى المجلس الشرفي…! ليس هروباً من المسؤوليّة أو ضعفاً لا، بل للخروج من مأزق (الصداقة)، والعلاقات الشخصية. فالمدرِّب هو الصديق المقرَّب لرئيس مجلس إدارة النادي، وهو الذي يخشى على مشاعره من قرار إقالته، رغم فشله في مهمته…!، بينما مشاعر جماهير الهلال غير مهمَّةٍ، بعد أن نجح في جعلهم ينقسمون حول قضيةٍ افتعلها، ويرى أنَّ الجمهور عاطفي، وهو في كلِّ الحالات سيضمن أحد الطرفين لجانبه؛ وبذلك تقلُّ وتيرة التشنُّج تجاهه هو وأعضاء مجلس إدارته.

اليوم رئيس الهلال يجيد حديث الأعذار، ويتفنَّن في أسلوب الوعود، ويتشدَّق بالوعيد والثبور إن تكرر ما حصل في هذا الموسم المنتهي…! لم تكن هذه ثقافة الهلال في يومٍ من الأيام، ولم يكن هذا أسلوبه، لقد كان يحقق الألقاب ويترك النواح لغيره.

ومعنى أن يخرج رئيس أحد أهمِّ أندية آسيا ليقول: سقوط الفريق هذا الموسم لم يكن طبيعياً وحدث بفعل فاعلٍ؛ لأنَّه لم يكن يستحق السقوط، هذا يؤكِّد فرضية أنَّ هناك خللاً ما، يرفض الرئيس الاعتراف به، وإنَّ قرر البوح به لن يعلنه على الملأ احتراماً للصديق الذي سخَّر الكيان بكلِّ تاريخه ومكتسباته له؛ حتى يصعد المجد من أقصر الطرق.

سامي الجابر مدرِّب الفريق فشل في قيادة الهلال، هذه هي الحقيقة التي لو ذكرها الرئيس لوقف الجميع احتراماً له؛ لأنَّه اختار الكيان وقال الحقيقة، فمقياس النجاح (بالذات) مع فريقٍ كالهلال هو البطولات، وهذا مع الأسف ما لم يحصل عليه الهلال هذا الموسم، إذاً الموسم كان فاشلاً، ليس بسبب عدم تحقيق البطولات فقط، بل لم يكن (حاضراً) فنيّاً على أرض الميدان، ولم يكن مقنعاً، وكان ينقصه الكثير على الصعيد التكتيكي. هذا هو الواقع، والحقيقة دائماً صعبةٌ ومؤلمةٌ، إلاَّ أنَّ وطأتها تقلُّ عند فائدتها.

في العمل لا مكان للمجاملات، والربط بينهما يقود للفشل، وهذا ما حدث في موسم الهلال الحزين، والغريب أنَّ هناك مَن يكابر ويمرّر فكرة نجاح الجهاز الفني، عندما يستعرض بعض الأشياء كترتيبه في الدوري، وتأهّله لدور الثمانية في آسيا، واللعب على نهائي كأس ولي العهد، وغاب عن ذهنه أنَّ مَن اعتاد على الإنجازات لن يقبل بالفتات، وقد يكون خروج الهلال من أهمِّ بطولات الموسم (بالكعب)، يكشف مدى ضعف القيادة الفنية للفريق، ولا أظنُّ أنَّ تاريخ الهلال ذُكر فيه خروجٌ مذلٌّ بمثل هذه الطريقة…!

لقد قلت لكم: أنَّ الحقيقة مؤلمةٌ، لكن من أجل الكيان يجب أن تُقال.

إنَّ الشيء المهمَّ في موسم الفشل الهلالي، والذي يحدث لأول مرَّةٍ في تاريخ الهلال هو (الانقسام) الشرفي، وظهوره على السطح في سابقةٍ تكاد تكون الأولى في تاريخ الهلال، الذي عُرف عنه التلاحم الشرفي، وحلَّ كلَّ قضاياه في المجالس المغلقة بعيداً عمَّن يسعى للإثارة، والسبب في هذا الانقسام مدرِّب الفريق الذي كان محور خلاف واختلاف، فلو تعاطى مع الحدث بنفس أسلوب رئيس النادي كصديقٍ حميمٍ، وارتأى أنَّ واجب الصداقة يحتِّم عليه تقديم استقالته، وتغليب مصلحة الكيان على مصلحته الشخصية، لكن هذا لم يحدث، ولن يحدث..!

والتفسير المنطقي لهذا الأمر هو (حبُّ الذات)، أنا ومن بعدي الطوفان، ترك الكرة في ملعبهم يختلفون يتفقون وفي النهاية هو المستفيد من كلا القرارين، إن أُقيل أخذ الشرط الجزائي، وإن طُلب منه تقديم استقالته حفاظاً على صورته أمام الجماهير، لن يقدِّمها إلا بعد أن يضمن دفع الشرط الجزائي، وإن قرّروا استمراره كمدرِّبٍ، فنجوم الهلال قادرين على صنع مجدٍ لأيِّ مدرِّبٍ كان، في النهاية هو رجلٌ عمليٌّ ترك عاطفته بعيداً، وتعامل مع المنطق العملي، وهو النجاح الذي ينشده في هذه الفترة المشحونة.

إنَّ سامي الجابر هو الرابح الأكبر من كلِّ الأحداث الدائرة في الهلال، والمتمعِّن جيداً في كلِّ تفاصيل الموسم الهلالي يجد أنَّ المصلحة الشخصية قُدِّمت على مصلحة الكيان، ففي البداية تسخير الكيان لمصلحة الصديق، وفي نهاية المطاف الخوف على مشاعر الصديق، إلى أن وقف الصديق موقف المستفيد الرافض لمبدأ التضحية والانسحاب من المشهد لأجل الكيان.

ودمتم بخير،،،

سلطان الزايدي

@zaidi161تويتر

9