الفرج: مشجعون عند الفوز فقط!

أشياء كثيرة يمكن أن نتحدث عنها حول الهزيمة المذلة لآرسنال من تشيلسي بسداسية أول من أمس “السبت”، ربما تلقت جماهير آرسنال خسائر ثقيلة وفي مناسبات عدة تحت قيادة الفرنسي آرسن فينغر، لكنها هذه المرة كانت أكثر قسوة على محبيه، ربما نجد نماذج لمباريات تقدم دروسا فنية أفضل مما شاهدنا، غير أن ما لفت نظري هو تصفيق جماهير آرسنال للاعبيها بحرارة مع صافرة النهاية، على الرغم من تسجيل أكبر نتيجة في تاريخ الفريقين، ورفعت رصيد مورينهو ورفاقه إلى 69 نقطة، وجعلت متابعي الدوري الإنجليزي يمنحون “البلوز” أفضلية الترشح للفوز باللقب، وهي بهذه البادرة تقوم بواجبها لإدراكها أن من صنع لها الفرح بالأمس هو من سيعيده غدا.

الجماهير الرياضية هي ملح كرة القدم، وعشقها لفرقها وتحفيزها يدفع اللاعبين لبذل الجهود المضاعفة لإرضائها، فضلا عن الأجواء الجميلة التي تضفيها في المدرجات، أما تصفيق أنصار فريق تلقت شباكه ستة أهداف وفي مراحل حاسمة كما حدث من جماهير آرسنال، كان أمرا لافتا يستحق التوقف.

شاهدنا فرقا تخسر بفارق هدف أو اثنين وتصفق لها جماهيرها لأداء لاعبيها الجيد، لكننا نتحدث عن هزيمة تاريخية مذلة بمستوى متواضع للغاية، ومع ذلك يجد اللاعبون من يواسيهم ويخفف وقع الهزيمة عليهم، لا من يقرعهم، وهنا مربط الفرس في دور المشجع الرياضي المحب العاشق الذي يفترض أن يكون مشجعا داعما مخلصا عند الفوز، وكذلك حتى في حال الخسارة، بل إن الحاجة لوجوده وتصفيقه ووقفته تكون أكبر في مثل تلك المواقف الحزينة التي لا يسلم منها فريق، وهي بحق أحد أهم العوامل المساعدة والفاعلة في إخراج الفرق التي تتعرض لهبوط في المستوى، وتدن مفاجئ في النتائج من حالة الانهزام إلى العودة للنسق الطبيعي، خصوصا المدرب واللاعبين الأحوج للدعم المعنوي في مثل تلك الأوقات.

في الدوري السعودي تحرص الأندية على توفير كل ما يساعد على الحضور الجماهيري، ويتكفل أعضاء الشرف ورجال أعمال محبون بتذاكر لتسهيل وتحفيز الجماهير للحضور، وتطور الأمر إلى تنافس برسم لوحات جميلة كانت من أهم مزايا موسم 2013.

جماهيرنا تتألق بأهازيج وأغان رياضية ممتعة قبل انطلاق المباريات، وتستمر مع بدايتها، وما يكاد يستقبل شباكها هدفاً حتى يتحول المدرج إلى صمت رهيب، يتطور مع مرور الدقائق وضياع فرص التعديل إلى قرارات قد تصل لإخلاء المدرجات للعقلاء منهم، وكأن التشجيع والمؤازرة مشروطة بتقدم فريقها وفوزها فقط، أما بعضها الآخر فربما لا يخرج من الملعب إلا بعد أن “يبرِّد قلبه” بالتلفظ بعبارات غير لائقة على مدربه ولاعبيه.

أنديننا تضم لاعبين معظمهم صغار سنّ، ويحتاجون إلى الدعم والمؤازرة من الجماهير حتى يصلوا إلى النجومية التي تعينهم على خدمة فرقهم ومنتخبات بلادهم، وهم أكثر حاجة إلى أن يجدوا من يتجاوز أخطاءهم، ويصفق لهم عند التعثر ويمنحهم فرصا كافية لإبراز مواهبهم، والتغيرات الإيجابية في مجالس الجماهير.

مقالة للكاتب عبدالله الفرج عن جريدة الرياض

15